قال: هم قتلى بدر وأحد، زعموا أن الله تبارك وتعالى لما قبض أرواحهم، وأدخلهم الجنة، جعلت أرواحهم في طير خضر ترعى في الجنة، وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش.
فلما رأوا ما أعطاهم الله من الكرامة، قالوا: ليت إخواننا الذين بعدنا يعلمون ما نحن فيه!
فإذا شهدوا قتالا تعجلوا إلى ما نحن فيه! فقال الله تعالى: إني منزل على نبيكم ومخبر إخوانكم بالذي أنتم فيه! ففرحوا به واستبشروا، وقالوا: يخبر الله نبيكم وإخوانكم بالذي أنتم فيه، فإذا شهدوا قتالا أتوكم. قال: فذلك قوله: * (فرحين بما آتاهم الله من فضله) *... إلى قوله: * (أجر المؤمنين) *.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) *: أي ويسرون بلحوق من لحق بهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم، وأذهب الله عنهم الخوف والحزن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) * قال: هم إخوانهم من الشهداء ممن يستشهد من بعدهم، * (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * حتى بلغ: * (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) *.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أما * (يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) *، فإن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه وأهله، فيقال: يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا!
فيستبشر حين يقدم عليه، كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) * يقول جل ثناؤه: * (يستبشرون) * يفرحون، * (بنعمة من الله) * يعني بما حباهم به تعالى ذكره من عظيم كرامته عند ورودهم عليه، * (وفضل) * يقول: وبما أسبغ عليهم من الفضل وجزيل الثواب على ما سلف منهم من طاعة الله ورسوله (ص) وجهاد أعدائه. * (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) *. كما: