فيه: كأنه قال: ولئن متم أو قتلتم، فذكر لهم رحمة من الله ومغفرة، إذ كان ذلك في السبيل، فقال: * (لمغفرة من الله ورحمة) * يقول: لذلك * (خير مما تجمعون) * يعني لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون. ودخلت اللام في قوله: * (لمغفرة من الله) * لدخولها في قوله: ولئن، كما قيل: * (ولئن نصروهم ليولن الادبار) * القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون) * يعني بذلك جل ثناؤه: ولئن متم أو قتلتم أيها المؤمنون، فإن إلى الله مرجعكم ومحشركم، فيجازيكم بأعمالكم، فآثروا ما يقربكم من الله، ويوجب لكم رضاه، ويقربكم من الجنة، من الجهاد في سبيل الله، والعمل بطاعته على الركون إلى الدنيا، وما تجمعون فيها من حطامها الذي هو غير باق لكم، بل هو زائل عنكم، وعلى ترك طاعة الله والجهاد، فإن ذلك يبعدكم عن ربكم، ويوجب لكم سخطه، ويقربكم من النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولئن متم أو قتلتم) * أي ذلك كان، * (لإلى الله تحشرون) * أي أن إلى الله المرجع، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا تغتروا بها، وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها.
وأدخلت اللام في قوله: * (لإلى الله تحشرون) * لدخولها في قوله ولئن، ولو كانت اللام مؤخرة، إلى قوله: تحشرون، لأحدثت النون الثقيلة فيه، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إلي لأحسنن إليك، بنون مثقلة، فكان كذلك قوله: ولئن متم أو قتلتم لتحشرن إلى الله، ولكن لما حيز بين اللام وبين تحشرون بالصفة أدخلت في الصفة، وسلمت تحشرون، فلم تدخلها النون الثقيلة، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إلي لإليك أحسن، بغير نون مثقلة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف