بمحمد (ص)، وما جاءهم به من عند الله، لكان خيرا لهم عند الله في عاجل دنياهم، وآجل آخرتهم. * (منهم المؤمنون) * يعني من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، المؤمنون المصدقون رسول الله (ص) فيما جاءهم به من عند الله، وهم عبد الله بن سلام، وأخوه، وثعلبة بن سعية وأخوه، وأشباههم ممن آمنوا بالله، وصدقوا برسوله محمد (ص)، واتبعوا ما جاءهم به من عند الله. * (وأكثرهم الفاسقون) * يعني: الخارجون عن دينهم، وذلك أن من دين اليهود اتباع ما في التوراة، والتصديق بمحمد (ص)، ومن دين النصارى اتباع ما في الإنجيل، والتصديق به وبما في التوراة، وفي كلا الكتابين صفة محمد (ص) ونعته، ومبعثه، وأنه نبي الله، وكلتا الفرقتين، أعني اليهود والنصارى مكذبة، فذلك فسقهم وخروجهم عن دينهم الذي يدعون أنهم يدينون به الذي قال جل ثناؤه * (وأكثرهم الفاسقون) *. وقال قتادة بما:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) *: ذم الله أكثر الناس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون) * يعني بذلك جل ثناؤه: لن يضركم يا أهل الايمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم، وتكذيبهم نبيكم محمدا (ص) شيئا إلا أذى، يعني بذلك ولكنهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمه وعزير، ودعائهم إياكم إلى الضلالة، ولا يضرونكم بذلك، وهذا من الاستثناء المنقطع، الذي هو مخالف معنى ما قبله، كما قيل ما اشتكى شيئا إلا خيرا، وهذه كلمة محكية عن العرب سماعا.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (لن يضروكم إلا أذى) * يقول: لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: * (لن يضروكم إلا أذى) * قال: أذى تسمعونه منهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (لن يضروكم إلا أذى) * قال: إشراكهم في عزير وعيسى والصليب.