من فاحشتهما والعمل بما يرضي الله، فأعرضوا عنهما، يقول: فاصفحوا عنهما، وكفوا عنهما الأذى الذي كنت أمرتكم أن تؤذوهما به، عقوبة لهما على ما أتيا من الفاحشة، ولا تؤذوهما بعد توبتهما.
وأما قوله: * (إن الله كان توابا رحيما) * فإنه يعني: أن الله لم يزل راجعا لعبيده إلى ما يحبون إذا هم راجعوا ما يحب منهم من طاعته رحيما بهم، يعني: ذا رحمة ورأفة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) *: ما التوبة على الله لاحد من خلقه، إلا للذين يعملون السوء من المؤمنين بجهالة. * (ثم يتوبون من قريب) * يقول: ما الله براجع لاحد من خلقه إلى ما يحبه من العفو عنه والصفح عن ذنوبه التي سلفت منه، إلا للذين يأتون ما يأتونه من ذنوبهم جهالة منهم وهم بربهم مؤمنون، ثم يراجعون طاعة الله ويتوبون منه إلى ما أمرهم الله به من الندم عليه والاستغفار وترك العود إلى مثله من قبل نزول الموت بهم. وذلك هو القريب الذي ذكره الله تعالى ذكره، فقال:
* (ثم يتوبون من قريب) *.
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل غير أنهم اختلفوا في معنى قوله:
* (بجهالة) * فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، وذهب إلى أن عمله السوء هو الجهالة التي عناها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أنه كان يحدث أن أصحاب رسول الله (ص)، كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: * (للذين يعملون السوء بجهالة) * قال: اجتمع أصحاب رسول الله (ص)، فرأوا أن كل شئ عصى به فهو جهالة، عمدا كان أو غيره.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي