إليه بطاعته إياي وانتهائه إلى أمري وتجنبه محارمي في الآخرة، مثل الذي وعدت أوليائي من الكرامة على شكرهم إياي. وقال ابن إسحاق في ذلك بما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (وسنجزي الله الشاكرين) * أي ذلك جزاء الشاكرين، يعنى بذلك: إعطاء الله إياه ما وعده في الآخرة مع ما يجرى عليه من الرزق في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) * اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: * (وكأين) * بهمز الألف وتشديد الياء وقرأه آخرون: بمد الألف وتخفيف الياء. وهما قراءتان مشهورتان في قراءة المسلمين، ولغتان معروفتان لا اختلاف في معناهما، فبأي القراءتين قرأ ذلك قارئ فمصيب، لاتفاق معنى ذلك وشهرتهما في كلام العرب. ومعناه: وكم من نبي.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قاتل معه ربيون كثير) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: * (قاتل معه ربيون كثير) *، فقرأ ذلك جماعة من قراء الحجاز والبصرة: قتل بضم القاف، وقرأه جماعة أخرى بفتح القاف وبالألف، وهي قراءة جماعة من قراء الحجاز والكوفة. فأما من قرأ * (قاتل) * فإنه اختار ذلك لأنه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: * (فما وهنوا) * وجه معروف، لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا. وأما الذين قرؤا ذلك: قتل، فإنهم قالوا: إنما عنى بالقتل النبي وبعض من معه من الربيين دون جميعهم، وإنما نفى الوهن والضعف عمن بقي من الربيين ممن لم يقتل.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأ بضم القاف: قتل معه ربيون كثير لان الله عز وجل إنما عاتب بهذه الآية، والآيات التي قبلها من قوله: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) * الذين انهزموا يوم أحد، وتركوا القتال، أو سمعوا الصائح يصيح: إن محمدا قد قتل، فعذلهم الله عز وجل على فرارهم وتركهم القتال، فقال: أفإن مات محمد أو قتل أيها المؤمنون ارتددتم عن دينكم، وانقلبتم على أعقابكم؟ ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء قبلهم وقال لهم: هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضي على منهاج