اختلفوا فيه، وعلموا الحق فيه، فتعمدوا خلافه، وخالفوا أمر الله، ونقضوا عهده وميثاقه، جراءة على الله، وأولئك لهم: يعني ولهؤلاء الذين تفرقوا، واختلفوا من أهل الكتاب، من بعد ما جاءهم عذاب من عند الله عظيم. يقول جل ثناؤه: فلا تفرقوا يا معشر المؤمنين في دينكم تفرق هؤلاء في دينهم، ولا تفعلوا فعلهم، وتستنوا في دينكم بسنتهم، فيكون لكم من عذاب الله العظيم مثل الذي لهم. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات) * قال: هم أهل الكتاب، نهى الله أهل الاسلام أن يتفرقوا ويختلفوا، كما تفرق واختلف أهل الكتاب، قال الله عز وجل: * (وأولئك لهم عذاب عظيم) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا) * ونحو هذا في القرآن أمر الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة، فنهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) * قال هم اليهود والنصارى.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ئ وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) * يعني بذلك جل ثناؤه: أولئك لهم عذاب عظيم في يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
وأما قوله: * (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم) * فإن معناه: فأما الذين اسودت وجوههم، فيقال لهم: * (أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) *.
ولا بد لأما من جواب بالفاء، فلما أسقط الجواب سقطت الفاء معه، وإنما جاز ترك ذكر فيقال لدلالة ما ذكر من الكلام عليه. وأما معنى قوله جل ثناؤه: * (أكفرتم بعد إيمانكم) *