حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر وعكرمة: * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) * قالا: أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) * والميثاق الغليظ: أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك قول من قال: الميثاق الذي عني به في هذه الآية، هو ما أخذ للمرأة على زوجها عند عقدة النكاح، من عهد على إمساكها بمعروف، أو تسريحها بإحسان، فأقر به الرجل، لان الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجال في نساءهم وقد بينا معنى الميثاق فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
واختلف في حكم هذه الآية، أمحكم أم منسوخ؟ فقال بعضهم: محكم، وغير جائز للرجل أخذ شئ مما آتاها إذا أراد طلاقها، إلا أن تكون هي المريدة الطلاق.
وقال آخرون: هي محكمة، غير جائز له أخذ شئ مما آتاها منها بحال، كانت هي المريدة للطلاق أو هو. وممن حكي عنه هذا القول بكر بن عبد الله بن المزني.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا عقبة بن أبي المهنا، قال: سألت بكرا عن المختلعة أيأخذ منها شيئا؟ قال: لا * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) *.
وقال آخرون: بل هي منسوخة نسخها قوله: * (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله) * ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) * إلى قوله: * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) * قال: ثم رخص بعد، فقال: * (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * قال: فنسخت هذه تلك.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: إنها محكمة غير منسوخة، وغير جائز للرجل أخذ شئ مما آتاها إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها، ولا