فمصيب في ذلك الصواب من القراءة، لاستفاضة القراءة بكل واحدة منهما في قراء الاسلام مع اتفاق معنييهما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ئ متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يغرنك يا محمد تقلب الذين كفروا في البلاد، يعني:
تصرفهم في الأرض وضربهم فيها. كما:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
* (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) * يقول: ضربهم في البلاد.
فنهى الله تعالى ذكره نبيه (ص) عن الاغترار بضربهم في البلاد، وإمهال الله إياهم مع شركهم وجحودهم نعمه، وعبادتهم غيره. وخرج الخطاب بذلك للنبي (ص)، والمعني به غيره من أتباعه وأصحابه، كما قد بينا فيما مضى قبل من أمر الله، ولكن كان بأمر الله صادعا، وإلى الحق داعيا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) * والله ما غروا نبي الله، ولا وكل إليهم شيئا من أمر الله، حتى قبضه الله على ذلك.
وأما قوله: * (متاع قليل) * فإنه يعني: أن تقلبهم في البلاد وتصرفهم فيها متعة يمتعون بها قليلا، حتى يبلغوا آجالهم، فتخترمهم منياتهم، ثم مأواهم جهنم بعد مماتهم، والمأوى: المصير الذي يأوون إليه يوم القيامة، فيصيرون فيه. ويعني بقوله: * (وبئس المهاد) * وبئس الفراش والمضجع جهنم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: * (لكن الذين اتقوا ربهم) *: لكن الذين اتقوا الله بطاعته، واتباع مرضاته، في العمل بما أمرهم به، واجتناب ما نهاهم عنه. * (لهم جنات) * يعني: