عن العالمين) *. ليس كما يقولون: إذا لم يحج وكان غنيا وكانت له قوة فقد كفر بها. وقال قوم من المشركين: فإنا نكفر بها ولا نفعل، فقال الله عز وجل: * (فإن الله غني عن العالمين) *.
وقال آخرون بما:
حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم، قال: أخبرنا أبو عمر الضرير، قال:
ثنا حماد، عن حبيب بن أبي بقية، عن عطاء بن أبي رباح، في قوله: * (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * قال: من كفر بالبيت.
وقال آخرون: كفره به: تركه إياه حتى يموت. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، أما من كفر فمن وجد ما يحج به ثم لا يحج، فهو كافر.
وأولى التأويلات بالصواب في ذلك قول من قال: معنى * (ومن كفر) *: ومن جحد فرض ذلك وأنكر وجوبه، فإن الله غني عنه وعن حجه وعن العالمين جميعا.
وإنما قلنا ذلك أولى به، لان قوله: * (ومن كفر) * بعقب قوله: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * بأن يكون خبرا عن الكافر بالحج، أحق منه بأن يكون خبرا عن غيره، مع أن الكافر بفرض الحج على من فرضه الله عليه بالله كافر، وإن الكفر أصله الجحود، ومن كان له جاحدا ولفرضه منكرا، فلا شك إن حج لم يرج بحجه برا، وإن تركه فلم يحج لم يره مأثما. فهذه التأويلات وإن اختلفت العبارات بها فمتقاربات المعاني.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون) * يعني بذلك: يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم من سائر من ينتحل الديانة بما أنزل الله عز وجل من كتبه، ممن كفر بمحمد (ص)، وجحد نبوته، لم تجحدون بآيات الله؟ يقول:
لم تجحدون حجج الله التي آتاها محمدا في كتبكم وغيرها، التي قد ثبتت عليكم بصدقه ونبوته وحجته. وأنتم تعلمون، يقول: لم تجحدون ذلك من أمره، وأنتم تعلمون