هذه، ولا هؤلاء، لأنه أراد بهذا الخلق الذي في السماوات والأرض، يدل على ذلك قوله:
* (سبحانك فقنا عذاب النار) * ورغبتهم إلى ربهم في أن يقيهم عذاب الجحيم، ولو كان المعني بقوله: * (ما خلقت هذا باطلا) * السماوات والأرض، لما كان لقول عقيب ذلك:
* (فقنا عذاب النار) * معنى مفهوم، لان السماوات والأرض أدلة على بارئها، لا على الثواب والعقاب، وإنما الدليل على الثواب والعقاب: الأمر والنهي، وإنما وصف جل ثناؤه أولي الألباب الذين ذكرهم في هذه الآية، أنهم إذا رأوا المأمورين المنهيين، قالوا: يا ربنا لم تخلق هؤلاء باطلا عبثا سبحانك، يعني: تنزيها لك من أن تفعل شيئا عبثا، ولكنك خلقتهم لعظيم من الامر، لجنة أو نار. ثم فزعوا إلى ربهم بالمسألة أن يجيرهم من عذاب النار، وأن لا يجعلهم ممن عصاه وخالف أمره، فيكونوا من أهل جهنم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار) *.
اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ربنا إنك من تدخل النار من عبادك فتخلده فيها فقد أخزيته، قال: ولا يخزي مؤمن مصيره إلى الجنة وإن عذب بالنار بعض العذاب. ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو حفص الجبيري ومحمد بن بشار، قال: أخبرنا المؤمل، أخبرنا أبو هلال، عن قتادة، عن أنس، في قوله: * (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * قال: من تخلد.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، ، عن رجل، عن ابن المسيب: * (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * قال: هي خاصة لمن لا يخرج منها.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو النعمان عارم، قال: ثنا حماد بن زيد، قال:
ثنا قبيصة بن مروان، عن الأشعث الحملي، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد أرأيت ما تذكر من الشفاعة حق هو؟ قال: نعم حق. قال: قلت يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى: * (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * و * (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها) *؟ قال: فقال لي: إنك والله لا تستطيع على شئ، إن للنار أهلا لا يخرجون منها