كما قال الله. قال: قلت يا أبا سعيد: فيمن دخلوا ثم خرجوا؟ قال: كانوا أصابوا ذنوبا في الدنيا، فأخذهم الله بها فأدخلهم بها، ثم أخرجهم بما يعلم في قلوبهم من الايمان والتصديق به.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * قال: هو من يخلد فيها.
وقال آخرون: معنى ذلك: ربنا إنك من تدخل النار من مخلد فيها وغير مخلد فيها، فقد أخزي بالعذاب. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا الحرث بن مسلم، عن يحيى بن عمرو بن دينار، قال: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة، فانتهيت إليه أنا وعطاء، فقلت: * (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) *؟ قال: وما إخزاؤه حين أحرقه بالنار! وإن دون ذلك لخزيا.
وأولى القولين بالصواب عندي قول جابر: إن من أدخل النار فقد أخزي بدخوله إياها، وإن أخرج منها. وذلك أن الخزي إنما هو هتك ستر المخزي وفضيحته، ومن عاقبه ربه في الآخرة على ذنوبه، فقد فضحه بعقابه إياه، وذلك هو الخزي.
وأما قوله: * (وما للظالمين من أنصار) * يقول: وما لمن خالف أمر الله فعصاه من ذي نصرة له ينصره من الله فيدفع عنه عقابه أو ينقذه من عذابه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل المنادي الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، فقال بعضهم: المنادي في هذا الموضع القرآن. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب: * (إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * قال: هو الكتاب، ليس كلهم لقي النبي (ص).