لا تتزوج إلا بإذنه، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد، فإذا خطبها خاطب، فإن أعطته وأرضته أذن لها، وإلا عضلها. قال: فهذا قول الله: * (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) *... الآية.
قال أبو جعفر: قد بينا فيما مضى معنى العضل وما أصله بشواهد ذلك من الأدلة.
وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصحة في تأويل قوله: * (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) * قول من قال: نهى الله جل ثناؤه زوج المرأة عن التضييق عليها والاضرار بها، وهو لصحبتها كاره، ولفراقها محب، لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصداق.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة، لأنه لا سبيل لاحد إلى عضل امرأة، إلا لاحد رجلين:
إما لزوجها بالتضييق عليها وحبسها على نفسه، وهو لها كاره، مضارة منه لها بذلك، ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك، أو لوليها الذي إليه إنكاحها، وإذا كان لا سبيل إلى عضلها لاحد غيرهما، وكان الولي معلوما أنه ليس ممن آتاها شيئا، فيقال: إن عضلها عن النكاح عضلها ليذهب ببعض ما آتاها، كان معلوما أن الذي عنى الله تبارك وتعالى بنهيه عن عضلها، هو زوجها الذي له السبيل إلى عضلها ضرارا لتفتدي منه.
وإذا صح ذلك، وكان معلوما أن الله تعالى ذكره لم يجعل لاحد السبيل على زوجته بعد فراقه إياها وبينونتها منه، فيكون له إلى عضلها سبيل لتفتدي منه من عضله إياها، أتت بفاحشة أم لم تأت بها، وكان الله جل ثناؤه قد أباح للأزواج عضلهن إذا أتين بفاحشة مبينة، حتى يفتدين منه، كان بينا بذلك خطأ التأويل الذي تأوله ابن زيد، وتأويل من قال: عنى بالنهي عن العضل في هذه الآية: أولياء الأيامى، وصحة ما قلنا فيه. * (ولا تعضلوهن) * في موضع نصب عطفا على قوله: * (أن ترثوا النساء كرها) * ومعناه: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها، ولا تعضلوهن، وكذلك هي فيما ذكر في حرف ابن مسعود، ولو قيل: هو في موضع جزم على وجه النهي لم يكن خطأ.
القول في تأويل قوله تعالى: * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: لا يحل لكم أيها المؤمنون أن تعضلوا نساءكم ضرارا منكم لهن، وأنتم لصحبتهن كارهون، وهن لكم طائعات، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتهن، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فيحل لكن حينئذ الضرار بهن ليفتدين منكم.