يعني جل ثناؤه بقوله: * (وكيف تأخذونه) *: وعلى أي وجه تأخذون من نسائكم ما آتيتموهن من صدقاتهن إذا أردتم طلاقهن واستبدال غيرهن بهن أزواجا، وقد أفضى بعضكم إلى بعض فتباشرتم وتلامستم. وهذا كلام وإن كان مخرجه مخرج الاستفهام فإنه في معنى النكير والتغليظ، كما يقول الرجل لآخر: كيف تفعل كذا وكذا وأنا غير راض به؟ على معنى التهديد والوعيد. وأما الافضاء إلى الشئ فإنه الوصول إليه بالمباشرة له، كما قال الشاعر:
بلى... أفضى إلى كتبة * بدا سيرها من باطن بعد ظاهر يعني بذلك: أن الفساد والبلى وصل إلى الخرز. والذي عني به الافضاء في هذا الموضع: الجماع في الفرج.
فتأويل الكلام إذ كان ذلك معناه: وكيف تأخذون ما آتيتموهن وقد أفضى بعضكم إلى بعض بالجماع؟.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الحميد بن بيان القناد، قال: ثنا إسحاق، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: الافضاء: المباشرة، ولكن الله كريم يكني عما يشاء.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عباس قال: الافضاء: الجماع، ولكن الله يكني.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عاصم بن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس، قال: الافضاء: هو الجماع.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (وقد أفضى بعضكم إلى بعض) * قال: مجامعة النساء.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.