* (ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شئ قدير) *.
وهذا تكذيب من الله جل ثناؤه الذين قالوا: * (إن الله فقير ونحن أغنياء) * يقول تعالى ذكره مكذبا لهم: لله ملك جميع ما حوته السماوات والأرض، فكيف يكون أيها المفترون على الله من كان ملك ذلك له فقيرا! ثم أخبر جل ثناؤه أنه القادر على تعجيل العقوبة لقائلي ذلك ولكل مكذب به ومفتر عليه وعلى غير ذلك مما أراد وأحب، ولكنه تفضل بحلمه على خلقه، فقال: * (والله على كل شئ قدير) * يعني: من إهلاك قائل ذلك، وتعجيل عقوبته لهم، وغير ذلك من الأمور. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) *.
وهذا احتجاج من الله تعالى ذكره على قائل ذلك وعلى سائر خلقه بأنه المدبر المصرف الأشياء، والمسخر ما أحب، وإن الاغناء والافقار إليه وبيده، فقال جل ثناؤه:
تدبروا أيها الناس، واعتبروا ففيما أنشأته فخلقته من السماوات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقبت بينه من الليل والنهار، فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم، تتصرفون في هذا لمعاشكم، وتسكنون في هذا راحة لأجسادكم، معتبر ومدكر، وآيات وعظات. فمن كان منكم ذا لب وعقل، يعلم أن من نسبني إلى أني فقير وهو غني كاذب مفتر، فإن ذلك كله بيدي أقلبه وأصرفه، ولو أبطلت ذلك لهلكتم، فكيف ينسب فقر إلى من كان كل ما به عيش ما في السماوات والأرض بيده وإليه! أم كيف يكون غنيا من كان رزقه بيد غيره، إذا شاء رزقه، وإذا شاء حرمه! فاعتبروا يا أولي الألباب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) *.
وقوله: * (الذين يذكرون الله قياما وقعودا) * من نعت أولي الألباب، والذين في موضع خفض ردا على قوله: لأولي الألباب.