حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: * (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) * قال: هذا يوم أحد.
وأما قوله * (أن تفشلا) * فإنه يعني: هما أن يضعفا ويجبنا عن لقاء عدوهما، يقال منه:
فشل فلان عن لقاء عدوه يفشل فشلا. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس: الفشل: الجبن.
وكان همهما الذي هما به من الفشل: الانصراف عن رسول الله (ص) والمؤمنين حين انصرف عنهم عبد الله بن أبي بن سلول بمن معه، جبنا منهم، من غير شك منهم في الاسلام ولا نفاق، فعصمهم الله مما هموا به من ذلك، ومضوا مع رسول الله (ص) لوجهه الذي مضى له، وتركوا عبد الله بن أبي ابن سلول والمنافقين معه، فأثنى الله عز وجل عليهما بثبوتهما على الحق، وأخبر أنه وليهما وناصرهما على أعدائهما من الكفار. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (والله وليهما) *: أي الدافع عنهما ما هما به من فشلهما، وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما من غير شك أصابهما في دينهما، فتولى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته، حتى سلمتا من وهنهما وضعفهما، ولحقتا بنبيهما (ص)، يقول: * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * أي من كان به ضعف من المؤمنين أو وهن فليتوكل علي، وليستعن بي، أعنه على أمره، وأدفع عنه، حتى أبلغ به وأقويه على نيته.
وذكر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ: والله وليهم. وإنما جاز أن يقرأ ذلك كذلك، لان الطائفتين وإن كانتا في لفظ اثنين، فإنهما في معنى جماع بمنزلة الخصمين والحزبين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) * يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تصبروا وتتقوا، لا يضركم كيدهم شيئا، وينصركم ربكم، * (ولقد نصركم الله ببدر) * على أعدائكم * (وأنتم) * يومئذ * (أذلة) * يعني قليلون، في غير منعة من الناس، حتى أظهركم الله على عدوكم مع كثرة عددهم، وقلة عددكم، وأنتم اليوم أكثر عددا منكم حينئذ، فإن تصبروا لأمر الله ينصركم كما نصركم ذلك اليوم * (فاتقوا الله) * يقول تعالى ذكره: فاتقوا ربكم بطاعته واجتناب محارمه * (لعلكم تشكرون) * يقول: