* (ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم) * يعني بذلك تعالى ذكره: ليس لك يا محمد من الامر شئ، ولله جميع ما بين أقطار السماوات والأرض من مشرق الشمس إلى مغربها دونك ودونهم، يحكم فيهم بما شاء، ويقضي فيهم ما أحب، فيتوب على من أحب من خلقه العاصين أمره ونهيه، ثم يغفر له ويعاقب من شاء منهم على جرمه، فينتقم منه، وهو الغفور الذي يستر ذنوب من أحب أن يستر عليه ذنوبه من خلقه بفضله عليهم بالعفو والصفح، والرحيم بهم في تركه عقوبتهم عاجلا على عظيم ما يأتون من المآثم. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (والله غفور رحيم) *:
أي يغفر الذنوب، ويرحم العباد على ما فيهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون) * يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، لا تأكلوا الربا في إسلامكم، بعد إذ هداكم له، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم. وكان أكلهم ذلك في جاهليتهم أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل، فإذا حل الاجل طلبه من صاحبه، فيقول له الذي عليه المال: أخر عني دينك، وأزيدك على مالك! فيفعلان ذلك، فذلك هو الربا أضعافا مضاعفة، فنهاهم الله عز وجل في إسلامهم عنه. كما:
حدثنا محمد بن سنان، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: كانت ثقيف تداين في بني المغيرة في الجاهلية، فإذا حل الاجل، قالوا:
نزيدكم وتؤخرون! فنزلت: * (لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) *.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) *: أي لا تأكلوا في الاسلام إذ هداكم له، ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره مما لا يحل لكم في دينكم.