وصية منه به عباده، فنصب قوله: * (وصية) * على المصدر من قوله: * (يوصيكم) * أولى من نصبه على التفسير من قوله: * (فلكل واحد منهما السدس) * لما ذكرنا. ويعني بقوله تعالى ذكره: * (وصية من الله) *: عهدا من الله إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم.
* (والله عليم) * يقول: ذو علم بمصالح خلقه ومضارهم، ومن يستحق أن يعطى من أقرباء من مات منكم وأنسبائه من ميراثه، ومن يحرم ذلك منهم، ومبلغ ما يستحق به كل من استحق منهم قسما، وغير ذلك من أمور عباده ومصالحهم. * (حليم) * يقول: ذو حلم على خلقه، وذو أناة في تركه معاجلتهم بالعقوبة على ظلم بعضهم بعضا في إعطائهم الميراث لأهل الجلد والقوة من ولد الميت وأهل الغناء والبأس منهم، دون أهل الضعف والعجز من صغار ولده وإناثهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم) *.
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (تلك حدود الله) *، فقال بعضهم: يعني به: تلك شروط الله. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (تلك حدود الله) * يقول: شروط الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك طاعة الله. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (تلك حدود الله) * يعني:
طاعة الله، يعني: المواريث التي سمى الله.
وقال آخرون: معنى ذلك: تلك سنة الله وأمره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك فرائض الله.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبينوه، وهو أن حد كل