ريبة أتت بها. وذلك أن الناسخ من الاحكام، ما نفى خلافه من الاحكام، على ما قد بينا في سائر كتبنا، وليس قوله: * (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) * نفي حكم قوله: * (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * لان الذي حرم الله على الرجل بقوله: * (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) * أخذ ما آتاها منها إذا كان هو المريد طلاقها.
وأما الذي أباح له أخذه منها بقوله: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * فهو إذا كانت هي المريدة طلاقه، وهو كاره له ببعض المعاني التي قد ذكرنا في غير هذا الموضع، وليس في حكم إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى، وإذا كان ذلك كذلك لم يجز أن يحكم لإحداهما بأنها ناسخة، وللأخرى بأنها منسوخة، إلا بحجة يجب التسليم لها.
وأما ما قاله بكر بن عبد الله المزني من أنه ليس لزوج المختلعة أخذ ما أعطته على فراقه إياها إذا كانت هي الطالبة الفرقة وهو الكاره، فليس بصواب لصحة الخبر عن رسول الله (ص) بأنه أمر ثابت بن قيس بن شماس بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقها إن طلبت فراقه، وكان النشوز من قبلها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) *.
قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يخلفون على حلائل آبائهم، فجاء الاسلام وهم على ذلك، فحرم الله تبارك وتعالى عليهم المقام عليهن، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشركهم من فعل ذلك لم يؤاخذهم به إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه. ذكر الاخبار التي رويت في ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله المخرمي، قال: ثنا قراد، قال: ثنا ابن عيينة وعمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين، قال: فأنزل الله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * * (وأن تجمعوا بين الأختين) *.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في