واختلف أهل العربية في معنى: * (أعتدنا لهم) * فقال بعض البصريين: معنى:
* (أعتدنا) *: أفعلنا من العتاد، قال: ومعناها: أعددنا.
وقال بعض الكوفيين: عددنا وأعتدنا معناهما واحد، فمعنى قوله: * (أعتدنا لهم) * أعددنا لهم * (عذابا أليما) * يقول:
مؤلما موجعا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) *.
يعني تبارك وتعالى (بقوله): * (يا أيها الذين آمنوا) *: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله * (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها) * يقول: لا يحل لكم أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم وآبائكم كرها.
فإن قال قائل: كيف كانوا يرثونهن، وما وجه تحريم وراثتهن، فقد علمت أن النساء مورثات كما الرجال مورثون؟ قيل: إن ذلك ليس من معنى وراثتهن إذا هن متن فتركن مالا، وإنما ذلك أنهن في الجاهلية كانت إحداهن إذا مات زوجها كان ابنه أو قريبه أولى بها من غيره ومنها بنفسها، إن شاء نكحها وإن شاء عضلها فمنعها من غيره ولم يزوجها حتى تموت، فحرم الله تعالى ذلك على عباده، وحظر عليهم نكاح حلائل آبائهم، ونهاهم عن عضلهن عن النكاح.
وبنحو القول الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أسباط بن محمد، قال: ثنا أبو إسحاق، يعني الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) * قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك.