نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر، نبليك فيه خيرا! فرأوا أحدا، فقال لهم: * (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) *.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) *: أي لقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم، يعني الذين حملوا رسول الله (ص) على خروجه بهم إلى عدوهم لما فاتهم من الحضور في اليوم الذي كان قبله ببدر، رغبة في الشهادة التي قد فاتتهم به يقول: * (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) *: أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال، قد حل بينكم وبينهم، وأنتم تنظرون إليهم، فصددتم عنهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * يعني تعالى ذكره بذلك: وما محمد إلا رسول كبعض رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه داعيا إلى الله وإلى طاعته، الذين حين انقضت آجالهم ماتوا وقبضهم الله إليه يقول.
جل ثناؤه: فمحمد (ص) إنما هو فيما الله به صانع من قبضه إليه عند انقضاء مدة أجله كسائر مدة رسله إلى خلقه الذين مضوا قبله وماتوا عند انقضاء مدة آجالهم. ثم قال لأصحاب محمد معاتبهم على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل لهم بأحد: إن محمدا قتل، ومقبحا إليهم انصراف من انصرف منهم عن عدوهم وانهزامه عنهم: * (أفإن مات) * محمد أيها القوم لانقضاء مدة أجله، أو قتله عدوكم، * (انقلبتم على أعقابكم) * يعني ارتددتم عن دينكم الذي بعث الله محمدا بالدعاء إليه، ورجعتم عنه كفارا بالله بعد الايمان به، وبعد ما قد وضحت لكم صحة ما دعاكم محمد إليه، وحقيقة ما جاءكم به من عند ربه. * (ومن ينقلب على عقبيه) * يعني بذلك: ومن يرتدد منكم عن دينه ويرجع كافرا بعد إيمانه، * (فلن يضر الله شيئا) * يقول: فلن يوهن ذلك عزة الله ولا سلطانه، ولا يدخل بذلك نقص في ملكه، بل نفسه يضر بردته، وحظ نفسه ينقص بكفره. * (وسيجزي الله الشاكرين) * يقول:
وسيثيب الله من شكره على توفيقه وهدايته إياه لدينه بنبوته على ما جاء به محمد (ص) إن هو مات أو قتل واستقامته على منهاجه، وتمسكه بدينه وملته بعده. كما: