ألما بسلمى عنكما إن عرضتما * وقولا لها عوجي على من تخلفوا (1) فقال: تخلفوا، وجعل " من " بمنزلة الذين. وقال الفرزدق:
تعالى فإن عاهدتني لا تخونني * نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (2) فثنى يصطحبان لمعنى " من ". فكذلك قوله (من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم) وحد آمن وعمل صالحا للفظ من، وجمع ذكرهم في قوله: (فلهم أجرهم) لمعناه، لأنه في معنى جمع.
وأما قوله: (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنن) فإنه يعني به جل ذكره، ولا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا وعيشها عند معاينتهم ما أعد الله لهم من الثواب والنعيم المقيم عنده.
ذكر من قال عني بقوله: (من آمن بالله): مؤمنوا أهل الكتاب الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
927 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط بن نصر، عن السدي: (إن الذين آمنوا والذين هادوا) الآية، قال: نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، وكان سلمان من جنديسابور، وكان من أشرافهم، وكان ابن الملك صديقا له مواخيا، لا يقضي واحد منهم أمرا دون صاحبه، وكانا يركبان إلى الصيد جميعا. فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيت من عباء (3)، فأتياه هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه وهو يبكي، فسألاه ما هذا، فقال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما، فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا حتى أعلمكما، فنزلا إليه، فقال لهما: هذا كتاب جاء من عند الله، أمر يه بطاعته، ونهى عن معصيته، فيه: أن لا تزني، ولا تسرق، ولا تأخذ أموال الناس بالباطل. فقص عليهما ما فيه، وهو الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى. فوقع في