ويعني بقوله: بأنهم كانوا يكفرون: من أجل أنهم كانوا يكفرون، يقول: فعلنا بهم من إحلال الذل والمسكنة والسخط بهم من أجل أنهم كانوا يكفرون بآيات الله، ويقتلون النبيين بغير الحق، كما قال أعشى بني ثعلبة:
مليكية جاورت بالحجاز * قوما عداة وأرضا شطيرا بما قد تربع روض القطا * وروض التناضب حتى تصيرا يعني بذلك: جاورت بهذا المكان هذه المرأة قوما عداة وأرضا بعيدة من أهله بمكان قربها كان منه ومن قومه وبدلا من تربعها روض القطا وروض التناضب. فكذلك قوله: وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله يقول: كان ذلك منا بكفرهم بآياتنا، وجزاء لهم بقتلهم أنبياءنا. وقد بينا فيما مضى من كتابنا أن معنى الكفر: تغطية الشئ وستره، وأن آيات الله: حججه وأعلامه وأدلته على توحيده وصدق رسله.
فمعنى الكلام إذا: فعلنا بهم ذلك من أجل أنهم كانوا يجحدون حجج الله على توحيده، وتصديق رسله ويدفعون حقيتها، ويكذبون بها.
ويعني بقوله: ويقتلون النبيين بغير الحق: ويقتلون رسل الله الذين ابتعثهم لأنباء ما أرسلهم به عنه لمن أرسلوا إليه. وهم جماع واحدهم نبي غير مهموز، وأصله الهمز، لأنه من أنبأ عن الله، فهو ينبئ عنه إنباء، وإنما الاسم منه منبئ ولكنه صرف وهو مفعل إلى فعيل، كما صرف سميع إلى فعيل من مفعل، وبصير من مبصر، وأشباه ذلك، وأبدل مكان الهمزة من النبئ الياء، فقيل نبي هذا. ويجمع النبي أيضا على أنبياء، وإنما