الأرض خليفة يقول: ساكنا وعامرا يسكنها ويعمرها خلقا ليس منكم. وليس الذي قال ابن إسحاق في معنى الخليفة بتأويلها، وإن كان الله جل ثناؤه إنما أخبر ملائكته أنه جاعل في الأرض خليفة يسكنها، ولكن معناها ما وصفت قبل.
فإن قال لنا قائل: فما الذي كان في الأرض قبل بني آدم لها عامرا فكان بنو آدم بدلا منه وفيها منه خلفا؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك.
فحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضا. قال: فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة، فقتلهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال ثم خلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال: إني جاعل في الأرض خليفة.
فعلى هذا القول إني جاعل في الأرض خليفة من الجن يخلفونهم فيها فيسكنونها ويعمرونها.
وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله: إني جاعل في الأرض خليفة الآية، قال: إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، فكفر قوم من الجن، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء وكان الفساد في الأرض.
وقال آخرون في تأويل قوله: إني جاعل في الأرض خليفة أي خلفا يخلف بعضهم بعضا، وهم ولد آدم الذين يخلفون أباهم آدم، ويخلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبله.
وهذا قول حكي عن الحسن البصري، ونظير له ما:
حدثني به محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب، عن ابن سابط في قوله: إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال: يعنون به بني آدم.
وحدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال الله للملائكة: إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا، وأجعل فيها خليفة، وليس لله يومئذ خلق إلا الملائكة والأرض ليس فيها خلق.