فلست لإنسي ولكن لملاك * تحدر من جو السماء يصوب وقد يقال في واحدهم: مألك، فيكون ذلك مثل قولهم: جبذ وجذب، وشأمل وشمأل، وما أشبه ذلك من الحروف المقلوبة. غير أن الذي يجب إذا سمي واحدهم مألك، أن يجمع إذ جمع على ذلك: مالك، ولست أحفظ جمعهم كذلك سماعا، ولكنهم قد يجمعون ملائك وملائكة، كما يجمع أشعث: أشاعث وأشاعثة، ومسمع: مسامع ومسامعة. قال أمية بن أبي الصلت في جمعهم كذلك:
وفيها من عباد الله قوم * ملائك ذللوا وهم صعاب وأصل الملاك: الرسالة، كما قال عدي بن زيد العبادي:
أبلغ النعمان عني ملأكا * أنه قد طال حبسي وانتظاري وقد ينشد مألكا على اللغة الأخرى، فمن قال: ملأكا، فهو مفعل من لاك إليه يلاك: إذا أرسل إليه رسالة ملأكة. ومن قال: مألكا، فهو مفعل من ألكت إليه آلك: إذا أرسلت إليه مألكة وألوكا، كما قال لبيد بن ربيعة:
وغلام أرسلته أمه * بألوك فبذلنا ما سأل فهذا من ألكت. ومنه قول نابغة بني ذبيان:
ألكني يا عيين إليك قولا * ستهديه الرواة إليك عني وقال عبد بني الحسحاس:
ألكني إليها عمرك الله يا فتى * بآية ما جاءت إلينا تهاديا يعني بذلك: أبلغها رسالتي. فسميت الملائكة ملائكة بالرسالة، لأنها رسل الله بينه وبين أنبيائه ومن أرسلت إليه من عباده.
القول في تأويل قوله تعالى: إني جاعل في الأرض.