من النصب ثالثا. فأما على تأويل ما روينا عن ابن عباس من غير وجه رواية علي بن أبي طلحة عنه، فإنه لا يجوز فيه الرفع إلا من وجه واحد وهو الاستئناف.
وأما النصب فقد يجوز فيه من وجهين: أحدهما الذم، والآخر القطع من الهاء والميم اللتين في تركهم، أو من ذكرهم في لا يبصرون. وقد بينا القول الذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك. والقراءة التي هي قراءة الرفع دون النصب، لأنه ليس لأحد خلاف رسوم مصاحف المسلمين، وإذا قرئ نصبا كانت قراءة مخالفة رسم مصاحفهم.
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن المنافقين، أنهم باشترائهم الضلالة بالهدى، لم يكونوا للهدى والحق مهتدين، بل هم صم عنهما فلا يسمعونهما لغلبة خذلان الله عليهم، بكم عن القيل بهما، فلا ينطقون بهما والبكم: الخرس، وهو جمع أبكم عمي عن أن يبصروهما فيعقلوهما لان الله قد طبع على قلوبهم بنفاقهم فلا يهتدون. وبمثل ما قلنا في ذلك قال علماء أهل التأويل.
335 - حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: صم بكم عمي عن الخير.
336 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: صم بكم عمي يقول: لا يسمعون الهدى، ولا يبصرونه، ولا يعقلونه.
337 - وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي (ص): بكم: هم الخرس.
338 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد ابن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله:
صم بكم عمي: صم عن الحق فلا يسمعونه، عمي عن الحق فلا يبصرونه، بكم عن الحق فلا ينطقون به.
القول في تأويل قوله تعالى: فهم لا يرجعون.