إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق وطابقهم سرا على معاداة النبي (ص) وأصحابه وبغيهم الغوائل قوم من أراهط الأنصار الذين آووا رسول الله (ص) ونصروه وكانوا قد عتوا في شركهم وجاهليتهم قد سموا لنا بأسمائهم، كرهنا تطويل الكتاب بذكر أسمائهم وأنسابهم. وظاهروهم على ذلك في خفاء غير جهار حذار القتل على أنفسهم والسباء من رسول الله (ص) وأصحابه، وركونا إلى اليهود، لما هم عليه من الشرك وسوء البصيرة بالاسلام. فكانوا إذا لقوا رسول الله (ص) وأهل الايمان به من أصحابه، قالوا لهم حذارا على أنفسهم: إنا مؤمنون بالله وبرسوله وبالبعث، وأعطوهم بألسنتهم كلمة الحق ليدرأوا عن أنفسهم حكم الله فيمن اعتقد ما هم عليه مقيمون من الشرك لو أظهروا بألسنتهم ما هم معتقدوه من شركهم، وإذا لقوا إخوانهم من اليهود وأهل الشرك والتكذيب بمحمد (ص) وبما جاء به فخلوا بهم، قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزءون فإياهم عنى جل ذكره بقوله: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يعني بقوله تعالى خبرا عنهم آمنا بالله: صدقنا بالله. وقد دللنا على أن معنى التصديق فيما مضى قبل من كتابنا هذا. وقوله: وباليوم الآخر يعني بالبعث يوم القيامة. وإنما سمي يوم القيامة اليوم الآخر: لأنه آخر يوم، لا يوم بعده سواه.
فإن قال قائل: وكيف لا يكون بعده يوم، ولا انقطاع للآخرة، ولا فناء، ولا زوال؟.
قيل: إن اليوم عند العرب إنما سمي يوما بليلته التي قبله، فإذا لم يتقدم النهار ليل لم يسم يوما، فيوم القيامة يوم لا ليل له بعده سوى الليلة التي قامت في صبيحتها القيامة، فذلك اليوم هو آخر الأيام، ولذلك سماه الله جل ثناؤه: اليوم الآخر، ونعته بالعقيم، ووصفه بأنه يوم عقيم لأنه لا ليل بعده.
وأما تأويل قوله:: وما هم بمؤمنين ونفيه عنهم جل ذكره اسم الايمان، وقد أخبر عنهم أنهم قد قالوا بألسنتهم آمنا بالله وباليوم الآخر فإن ذلك من الله عز وجل تكذيب لهم فيما أخبروا عن اعتقادهم من الايمان والاقرار بالبعث، وإعلام منه نبيه (ص) أن الذي