وإنما أخبر الله تعالى ذكره نبيه محمدا (ص) عن الذين كفروا به من أحبار اليهود، أنه قد ختم على قلوبهم وطبع عليها فلا يعقلون لله تبارك وتعالى موعظة وعظهم بها فيما آتاهم من علم ما عندهم من كتبه، وفيما حدد في كتابه الذي أوحاه وأنزله إلى نبيه محمد (ص)، وعلى سمعهم فلا يسمعون من محمد (ص) نبي الله تحذيرا ولا تذكيرا ولا حجة أقامها عليهم بنبوته، فيتذكروا ويحذروا عقاب الله عز وجل في تكذيبهم إياه، مع علمهم بصدقه وصحة أمره وأعلمه مع ذلك أن على أبصارهم غشاوة عن أن يبصروا سبيل الهدى فيعلموا قبح ما هم عليه من الضلالة والردي.
وبنحو ما قلنا في ذلك روي الخبر عن جماعة من أهل التأويل.
257 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة أي عن الهدى أن يصيبوه أبدا بغير ما كذبوك به من الحق الذي جاءك من ربك، حتى يؤمنوا به، وإن آمنوا بكل ما كان قبلك.
258 - حدثني موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال:
حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله (ص): ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم يقول فلا يعقلون، ولا يسمعون. ويقول: وجعل على أبصارهم غشاوة، يقول: على أعينهم فلا يبصرون.
وأما آخرون فإنهم كانوا يتأولون أن الذين أخبر الله عنهم من الكفار أنه فعل ذلك بهم هم قادة الأحزاب الذين قتلوا يوم بدر.
259 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: هاتان الآيتان إلي: ولهم عذاب عظيم هم: الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار وهم الذين قتلوا يوم بدر فلم يدخل من القادة أحد في الاسلام إلا رجلان: أبو سفيان ابن حرب، والحكم بن أبي العاص.
260 - وحدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن