وفي مقابل هؤلاء من قال بعدم النسخ، فمنهم: ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن، وإبراهيم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، والسدي. واختاره البلخي والجبائي والزجاج وأكثر المفسرين والفقهاء (1).
وقال الزرقاني: والظاهر أنها محكمة، لأنها تأمر بإعطاء اولي القربى واليتامى والمساكين الحاضرين لقسمة التركة شيئا، وهذا محكم باق على وجه الندب ما دام المذكورون غير وارثين، ولا تعارض ولا نسخ. ثم قال في ذيل البحث: وعن ابن عباس أن الآية محكمة غير أن الناس تهاونوا بالعمل بها (2).
وقال العلامة الطباطبائي - بعد قوله: إن الرزق في الآية هل هو على نحو الوجوب أو الندب، وهو بحث فقهي خارج عن وضع الكتاب ما معناه -: إن النسبة بين الآيتين ليست نسبة التناقض... ولا موجب للنسخ، خاصة فيما إذا قلنا بأن الرزق مندوب، كما أن الآية لا تخلو من ظهور فيه (3).
وكيف كان، فالذي يظهر لنا هو أن الآيتين ليستا متعارضتين حتى نحتاج في رفع ذلك إلى القول بأن إحداهما نسخت الأخرى، لأن آية الرزق توجب على الورثة إعطاء شئ لهم من التركة واجبا على الورثة، والأولياء فيما لو كانوا صغارا، وآية المواريث تجعل التركة للوارث كل على حسب نصيبه منها. فلا تنافي بين كون التركة للوارث وبين أن يجب عليه أو يستحب له إعطاء شئ منها لاولي القربى، كما هو شأن كل واجب مالي، أي أن الملاك بما هم ملاك يجب عليهم إعطاء مقدار من مالهم للفقراء، غاية الأمر أن الرزق في الآية غير مقدر، وأوكل تقديره إلى الورثة أنفسهم حسب ما يشاؤون.
هذا كله إذا كنا نحن والآية فقط، أما إذا كان ثمة دليل خارجي على ثبوت النسخ فهو المتبع، وما يمكن أن يكون دليلا على ذلك هو: