نعم، ربما ينتقد عثمان على أمره بإحراق بقية المصاحف، حتى سمي بمحرق المصاحف، والبحث في جواز إحراق المصاحف في بعض الصور أو حرمته مجال آخر.
وعن ابن أبي داود بسند (يراه صحيحا) عن سويد بن غفلة قال: قال علي:
لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملا منا، قال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا. قلنا: فما ترى؟: قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت (1).
وأضاف ابن الأثير هنا أنه قال: فلو وليت منه ما ولى عثمان سلكت سبيله (2).
وفي رواية سليم بن قيس: أن طلحة سأل عليا (عليه السلام) عن أمور، منها قوله لعلي (عليه السلام): وما يمنعك يرحمك الله أن تخرج ما ألفت للناس، وقد شهدت عثمان حين أخذ ما ألف عمر، فجمع له الكتاب، وحمل الناس على قراءة واحدة، ومزق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود، وأحرقهما بالنار، فما هذا؟ - إلى أن قال طلحة: - ما أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه من القرآن، ألا تظهره للناس؟ قال: يا طلحة عمدا كففت عن جوابك. قال: فأخبرني عما كتب عمر وعثمان، أقرآن كله؟ أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله، قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة، فإن فيه حجتنا، وبيان حقنا، وفرض طاعتنا (3).
فيبدو من الحديث أن ما فعله عثمان بالقرآن لم يضر بكرامته، بل هو قرآن كله، من أخذ به نجا من النار. ويؤيد ذلك: أن عليا (عليه السلام) حينما تصدى للخلافة وصار قادرا على رفع ما يضر بالقرآن وبالإسلام - لو كان - نراه لم يقدم على التصرف فيما فعله عثمان، من اتخاذه قرآنا واحدا يسمى إماما، ثم إلزامه الناس