والذي يستفاد من الكتب التاريخية هو أن القرآن قد كتب أولا بالنسخ المتولد من النبطي، ثم بالكوفي المتولد من المسند، وكان يسمى بالحميري، إلى أن ظهر ابن مقلة في أوائل القرن الرابع، وجعل الخط النسخي على قاعدة جميلة حتى يصلح لكتابة المصاحف. وكتبت المصاحف بعدئذ بالخط النسخي الجميل بعد أن كانت تكتب بالكوفي نحو قرنين من الزمن، ويشهد لما قلناه:
1 - ما قاله في المفصل: ولا يستبعد أخذ أهل مكة خطهم المدور المسمى بالنسخ من حوران، أو من (البتراء) و (العلا)، فبين مكة والمكانين المذكورين اللذين سكن بهما النبط اتصال وثيق - إلى أن قال: - فالخط المدور هو قلم النبط المتأخر، وقلم كتبة العراق أيضا وهو والد القلم (النسخ) (1).
وقال أيضا: وأما جمهرة المستشرقين المعاصرين الذين عنوا بدراسة تطور الخطوط السامية ومنشأ الخطوط العربية فقد رأوا أن الخط العربي الذي دون به القرآن اخذ من الخط النبطي المتأخر (2).
2 - ما عن الجاحظ من أنه: لا يخرج الخط من الجزم والمسند - إلى أن قال: - المسند خط العربية الجنوبية، والجزم خط أهل مكة والمدينة وعرب العراق وغيرهم من العرب الشماليين (3).
أضف إلى ذلك ما ذكره في المفصل من أن العرب تسمي الكتاب العربي - أي خطنا - الجزم (4).
وما قاله أيضا من أنه لما جاء الإسلام وكتب كتبة الوحي بقلم أهل مكة لنزول الوحي بينهم صار قلم مكة هو القلم الرسمي للمسلمين، وحكم على المسند بالموت عندئذ (5).
وعلى هذا فتنتج المقدمات الثلاث الآنفة الذكر - وهي: أن الجزم خط أهل مكة، وأنه هو خطنا اليوم، أي النسخ، وأن كتبة الوحي قد كتبوه بقلم أهل مكة -: أن