اللغة: الإخبات: للطمأنينة، وأصله الاستواء، من الخبت: وهو الأرض المستوية الواسعة. فكأن الإخبات خشوع مستمر على استواء فيه. والمثل: قول سائر يشبه فيه حال الثاني بحال الأول. والعمى: عبارة عن فساد آلة الرؤية، وليس بمعنى يضاد الإبصار. وكذلك الصمم: عبارة عن فساد آلة السمع، لأن الصحيح ان الإدراك أيضا ليس بمعنى.
المعنى: لما تقدم ذكر الكفار، وما أعد الله لهم من العذاب، عقبه سبحانه بذكر المؤمنين، فقال: (إن الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله، واعتقدوا وحدانيته (وعملوا الصالحات) التي أمرهم الله تعالى بها، ورغبهم فيها (وأخبتوا إلى ربهم) أي: أنابوا وتضرعوا إليه، عن ابن عباس. وقيل: معناه اطمأنوا إلى ذكره، عن مجاهد. وقيل: خضعوا له، وخشعوا إليه، عن قتادة، والكل متقارب.
وقيل: إن معناه وأخبتوا لربهم، فوضع (إلى) موضع اللام، كما قال سبحانه (أوحي لها) بمعنى أوحي إليها. وقال: ينادي للإيمان (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ظاهر المعنى. ثم ضرب سبحانه مثلا للمؤمنين والكافرين، فقال:
(مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) أي: مثل فريق المسلمين كالبصير والسميع، ومثل فريق الكافرين كالأعمى والأصم، لأن المؤمن ينتفع بحواسه لاستعماله إياها في الدين، والكافر لا ينتفع بها، فصارت حواسه بمنزلة المعدوم، وإنما دخل الواو ليبين أن حال الكافر كحال الأعمى على حدة، وكحال الأصم على حدة، وحال من يكون قد جمع بين الصفتين جميعا (هل يستويان مثلا) أي: هل يستوي حال الأعمى الأصم، وحال البصير السميع، عند عاقل؟ فكما لا تستوي هاتان الحالتان عند العقلاء، كذلك لا تستوي حال الكافر والمؤمن (أفلا تذكرون) أي: أفلا تتفكرون في ذلك فتسلموا صحة ما ذكرناه.
(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين (25) أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم (26) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين (27) قال يا قوم أرءيتم