وتطيب به. فأما قولهم: صلى الله على رسوله وملائكته، فلا يقال فيه أنه دعاء لهم من الله تعالى، كما لا يقال في نحو: (ويل للمطففين) ونحوه أنه دعاء عليهم، ولكن المعني فيه أن هؤلاء ممن يستحق عندكم أن يقال فيهم هذا النحو من الكلام، وكذلك قوله: (بل عجبت) ويسخرون فيمن ضم الياء، وهذا مذهب سيبويه، فإذا كانت الصلاة مصدرا، وقع على الجمع والمفرد على لفظ واحد، كصوت الحمير فإذا أختلف، جاز أن يجمع لاختلاف ضروبه، كما قال: (إن أنكر الأصوات).
فأما من زعم أن الصلاة أولى لأن الصلاة للكثرة، والصلوات للقليل، فلم يكن قوله متجها لأن الجمع بالتاء قد يقع على الكثير، كما يقع على القليل، كقوله:
(وهم في الغرفات آمنون)، وقوله: (إن المسلمين والمسلمات)، وقوله: (إن المصدقين والمصدقات)، فقد يقع هذا الجمع على الكثير، كما يقع على القليل.
الاعراب: قوله (تطهرهم) إنما ارتفع لأحد أمرين: إما أن يكون صفة لصدقة، ويكون التاء للتأنيث، ويكون قوله (بها) للتبيين، ويكون التقدير صدقة مطهرة. وإما أن يكون التاء خطابا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتقدير: فإنك تطهرهم بها، فتكون صفة لصدقة أيضا، ويكون الضمير في (بها) للصدقة الموصوفة. وأما (وتزكيهم) فلا يكون إلا للخطاب. وقيل: إن (تطهرهم)، يجوز أن يكون على الاستئناف، وحمله على الاتصال أولى.
المعنى: ثم خاطب سبحانه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمره بأخذ الصدقة من أموالهم، تطهيرا لهم، وتكفيرا لسيئاتهم، فقال: (خذ) يا محمد (من أموالهم) أدخل (من) للتبعيض، لأنه لم يجب أن يصدق بالجميع، وإنما قال: (من أموالهم)، ولم يقل من مالهم، حتى يشتمل على أجناس المال كلها. وهذا يدل على وجوب الأخذ من سائر أموال المسلمين، لاستوائهم في أحكام الدين، إلا ما خصه الدليل.
(صدقة): قيل أراد بها الأمر بأن يأخذ الصدقة من أموال هؤلاء التائبين، تشديدا للتكليف، وليست بالصدقة المفروضة، بل هي على سبيل الكفارة للذنوب التي أصابوها، عن الحسن، وغيره. وقيل: أراد بها الزكاة المفروضة عن الجبائي، وأكثر أهل التفسير، وهو الظاهر لأن حمله على الخصوص بغير دليل، لا وجه له، فيكون أمرا بأن يأخذ من المالكين للنصاب الزكاة من الورق إذا بلغ مائتي درهم، ومن