إرواء الغليل ج 3 من ص 201 إلى ص 300 قلت: أما أن يحيى هذا هو الوحاظي، فهو مما لا شك فيه، ولا يحتمل غيره.
وأما أن العلة العنعنة المذكورة، فكلا، فقد احتج الشيخان بها في غير ما حديث. وإذا كان الاسناد ظاهر الصحة، فلا يجوز الخروج عن هذا الظاهر إلا لعلة ظاهرة قادحة، وقول أبي حاتم " حديث باطل " جرح غير مفسر كما يشعر بذلك قول الحافظ نفسه " لم يحكم عليه إلا بعد أن تبين له "، والجرح الذي لم يفسر حري بأن لا يقبل، ولو من إمام كأبي حاتم، لا سيما وهو معروف بتشدده في ذلك، وخاصة وقد خولف في ذلك من ابن أبي داود كما رأيت.
على أنني لم أجد قول أبي حاتم المذكور في " الجنائز " من " العلل "، وإنما وجدت فيه الزيادة التي عند ابن أبي داود فقط، أوردها ابنه (1 / 348) من طريق الأوزاعي به وقال عن أبيه وأبي زرعة: " لا يوصلونه، يقولون: عن أبي سلمة أن النبي (صلى الله عليه وسلم). مرسل. إلا إسماعيل بن عياش وأبو المغيرة فإنهما رويا عن الأوزاعي كذلك ".
فهذا يدل على أن علة الحديث عند أبي حاتم ليست هي العنعنة كما ظن الحافظ ابن حجر، وإنما الارسال، ويدل أيضا على أن أبا حاتم لم يقف على رواية سلمة بن كلثوم هذه عن الأوزاعي، وإلا لذكرها مع رواية ابن عياش وأبي المغيرة. واتفاق هؤلاء الثلاثة على وصل الحديث دليل على صحته، وعلى ضعف اعلال أبي حاتم إياه بالارسال. والله أعلم.
ثم رأيت الحديث في (تاريخ ابن عساكر) (17 / 275 / 2) أخرجه من طريق محمد بن كثير المصيصي الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن به. وفيه الزيادة. وهذا سند، ظاهره الجودة، لكنه في الطريق إليه أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري وهو متهم.
وللحديث شاهدان: أحدهما عن عامر بن ربيعة ويأتي في الكتاب بعده.
والآخر عن جعفر بن محمد عن أبيه.