علم من جهته على الحد الذي ذكرناه، ونعلم أنه لا يجوز كونها دلالة إلا على هذا الوجه فقط، لأن الشئ إنما يدل على هذا الحد، أو على الوجه الذي يدل الدليل العقلي عليه.
وقد بينا تعذر ذلك في النجوم، فلم يبق إلا ما ذكرناه.
والقطع على أن كيفية دلالتها معلوم الآن غير ممكن، لأن شريعة إدريس عليه السلام وما علم من قبله كالمندرس، فلا نعلم الحال فيه.
فإن كان بعض تلك العلوم قد بقي محفوظا عند قوم تناقلوه وتداولوه، لم نمنع أن يكون معلوما لهم إذا اتصل التواتر.
وإن لم يكن كذلك، لم نمنع أن يكون العلم به، وإن بطل وزال أن يكون أمارة يقتضي غالب الظن عند كثير منهم.
وهذا هو الأقرب فيما يتمسك به أهل النجوم، لأنهم إذا تدبرت أحوالهم وجدتهم غير واثقين بما يحكمون، وإنما يتقدم أحدهم في ذلك العلم، كتقدم الطبيب في الطب، فكما أن علوم الطب مبنية على الأمارات التي تقتضيها التجارب وغالب الظن، فكذلك القول في علم النجوم، إلا في أمور مخصوصة يمكن أن يعلم بضروب من الأخبار. إنتهى.