ويقال: إن أول من حفظ عنه القول بخلق أفاعيل العباد جهم بن صفوان 1، فإنه زعم أن ما يكون في العبد من كفر وإيمان ومعصية فالله فاعله كما فعل لونه وسمعه وبصره وحياته، وأنه لا فعل للعبد في شئ من ذلك ولا صنع، والله تعالى صانعه، وأن لله تعالى أن يعذبه من ذلك على ما يشاء ويثيبه على ما يشاء.
وحكى عنه علماء التوحيد أنه كان يقول مع ذلك: إن الله خلق في العبد قوة بها كان فعله، كما خلق له غذاء يكون به قوام بدنه، ولا يجعل العبد كيف تصرف 2 حاله فاعلا لشئ على حقيقته 3، فاستبشع من قوله أهل العدل وأنكروه مع أشياء أخر حكيت عنه.
ولما أحدث جهم القول بخلق أفعال العباد قبل ذلك ضرار بن عمرو 4 بعد أن كان [ضرار] 5 يقول بالعدل، فانتفت عنه المعتزلة وأطرحته، فخلط عند ذلك تخليطا كثيرا، وقال بمذاهب خالف فيها جميع أهل العلم وخرج عما كان عليه واصل بن عطاء 6 وعمرو بن عبيد 7 بعد ما كان يعتقد فيهما من العلم وصحة الرأي