رسائل المرتضى - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٨١
ويقال: إن أول من حفظ عنه القول بخلق أفاعيل العباد جهم بن صفوان 1، فإنه زعم أن ما يكون في العبد من كفر وإيمان ومعصية فالله فاعله كما فعل لونه وسمعه وبصره وحياته، وأنه لا فعل للعبد في شئ من ذلك ولا صنع، والله تعالى صانعه، وأن لله تعالى أن يعذبه من ذلك على ما يشاء ويثيبه على ما يشاء.
وحكى عنه علماء التوحيد أنه كان يقول مع ذلك: إن الله خلق في العبد قوة بها كان فعله، كما خلق له غذاء يكون به قوام بدنه، ولا يجعل العبد كيف تصرف 2 حاله فاعلا لشئ على حقيقته 3، فاستبشع من قوله أهل العدل وأنكروه مع أشياء أخر حكيت عنه.
ولما أحدث جهم القول بخلق أفعال العباد قبل ذلك ضرار بن عمرو 4 بعد أن كان [ضرار] 5 يقول بالعدل، فانتفت عنه المعتزلة وأطرحته، فخلط عند ذلك تخليطا كثيرا، وقال بمذاهب خالف فيها جميع أهل العلم وخرج عما كان عليه واصل بن عطاء 6 وعمرو بن عبيد 7 بعد ما كان يعتقد فيهما من العلم وصحة الرأي

١) أبو محرز جهم بن صفوان السمرقندي، رأس الجهمية، وقد زرع شرا عظيما، كان يقضي في عسكر الحارث بن سريج الخارج على أمراء خراسان، فقبض عليه نصر بن سيار وأمر بقتله فقتل سنة ١٢٨ ه‍ (الأعلام للزركلي: ٢ / ١٣٨).
٢) في مط: يصرف.
٣) في مط: على حقيقة.
٤) ضرار بن عمرو القاضي، معتزلي جلد، له مقالات خبيثة. قال أحمد بن حنبل:
شهدت على ضرار عنه عند سعيد بن عبد الرحمن القاضي فأمر بضرب عنقه فهرب (ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٨).
٥) الزيادة من أ.
٦) واصل بن عطاء البصري الغزال المتكلم، كان يلثغ بالراء فلبلاغته هجر الراء وتجنبها في خطابه، وكان يتوقف في عدالة أهل الجمل ويقول: إحدى الطائفتين فسقت لا بعينها، فلو شهدت عندي عائشة وعلي وطلحة على باقة بقل أحكم بشهادتهم. ولد سنة ٨٠ بالمدينة ومات سنة ١٣١ ه‍ (ميزان الاعتدال: ٤ / 329).
7) أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب التيمي البصري، شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها كان جده من سبي فارس وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة، وقال يحيى بن معين:
كان من الدهرية الذين يقولون إنما الناس مثل الزرع، ولد سنة 80 وتوفي سنة 144 ه‍ (الأعلام للزركلي: 5 / 252).
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست