ولم يثبت بهذا الكلام في أخلاقهم فحشا أصلا وجزعا غير سئ، وإنما نفى الفحش والجزع على كل حال، ولولا ذلك لكان هاجيا لهم ولم يكن مادحا.
وقال الفرزدق 1:
ولم تأت غير أهلها بالذي أتت * به جعفرا يوم الهضيبات عيرها 2 أتتهم بتمر لم يكن هجرية 3 * ولا حنطة الشام المزيت خميرها 4 فقوله (لم يكن هجرية) أي لم يحمل التمر الذي يكون كثير في هجر 5، ولم يرد بباقي البيت أن هناك حنطة ليس في خميرها زيت، بل أراد بها لم يحمل تمرا ولا حنطة، ثم وصف الحنطة بأن الزيت يجعل في خميرها.
ونظائر هذا الباب أكثر من أن تحصى.
فعلى ما ذكرناه لا ينكر أن يريد تعالى: إنا فضلناهم على جميع من خلقنا وهم كثير، فجرى ذكر الكثرة على سبيل الوصف المعلق لا على وجه التخصيص وليس لأحد أن يخبر بقوله 6: (فعل كذا وكذا كثير من الناس) على سبيل التخصيص دون العموم.