قوله (يا عبادي) قال الطيبي الخطاب للثقلين لتعاقب التقوى والفجور فيهم ويحتمل أن يعم الملائكة فيكون ذكرهم مدرجا في الجن لشمول الاجتنان لهم وتوجه هذا الخطاب لا يتوقف على صدور الفجور ولا على إمكانه انتهى قلت والظاهر هو الاحتمال الأول (إلا من هديت) قيل المراد به وصفهم بما كانوا عليه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لا أنهم خلقوا في الضلالة والأظهر أن يراد أنهم لو تركوا بما في طباعهم لضلوا وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام إن الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره وهو لا ينافي قوله عليه الصلاة والسلام كل مولود يولد على الفطرة فإن المراد به الفطرة التوحيد والمراد بالضلالة جهالة تفصيل أحكام الإيمان وحدود الإسلام ومنه قوله تعالى ووجدك ضالا (وكلكم مذنب) قيل أي كلكم يتصور منه الذنب (إلا من عافيت) أي من الأنبياء والأولياء أي عصمت وحفظت وإنما قال عافيت تنبيها على أن الذنب مرض ذاتي وصحته عصمة الله تعالى وحفظه منه أو كلكم مذنب بالفعل وذنب كل بحسب مقامه إلا من عافيته بالمغفرة والرحمة والتوبة (ولا أبالي) أي لا أكترث (ولو أن أولكم وآخركم) يراد به الإحاطة والشمول (وحيكم وميتكم) تأكيد لإرادة الاستيعاب كقوله (ورطبكم ويابسكم) أي شبابكم وشيوخكم أو عالمكم وجاهلكم أو مطيعكم وعاصيكم قال الطيبي هما عبارتان عن الاستيعاب التام كما في قوله تعالى ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين والإضافة إلى ضمير المخاطبين تقتضي أن يكون الاستيعاب في نوع الإنسان فيكون تأكيدا للشمول بعد تأكيد الاستيعاب وتقريرا بعد تقرير انتهى (اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي) وهو نبينا صلى الله عليه وسلم (ما زاد ذلك) أي الاجتماع (اجتمعوا على أشقى قلب عبد
(١٦٦)