باب ما جاء كراهية طروق الرجل أهله ليلا أقوله (نهاهم أن يطرقوا) من باب نصر ينصر قال الحافظ في الفتح قال أهل اللغة الطروق بالضم المجئ بالليل من سفر أو غيره على غفلة ويقال لكل آت بالليل طارق ولا يقال بالنهار إلا مجازا وقال بعض أهل اللغة أصل الطروق الدفع والضرب وبذلك سميت الطريق لأن المارة تدقها بأرجلها وسمي الآتي بالليل طارقا لأنه يحتاج غالبا إلى دق الباب وقيل أصل الطروق السكون ومنه أطرق رأسه فلما كان الليل يسكن فيه سمي الآتي فيه طارقا انتهى وقد روي هذا الحديث عن جابر بألفاظ فروى مسلم من طريق سيار عن عامر عنه بلفظ إذا قدم أحدكم ليلا فلا يأتين أهله طروقا حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة ومن طريق عاصم عن الشعبي عنه بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقا ومن طريق سفيان عن محارب عنه بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يطلب عثراتهم قال النووي معنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة فأما من كان سفره قريبا تتوقع امرأته إتيانه ليلا فلا بأس كما قال في إحدى هذه الروايات إذا أطال الرجل الغيبة وإذا كان في قفل عظيم أو عسكر ونحوهم واشتهر قدومهم ووصولهم وعلمت امرأته وأهله أنه قادم معهم وأنهم الان داخلون فلا بأس بقدومه متى شاء لزوال المعنى الذي نهي بسببه فإن المراد أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة ويؤيد ما ذكرناه ما جاء في الحديث الاخر أمهلوا حتى ندخل ليلا أي عشاء كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة فهذا تصريح فيما قلناه وهو مفروض في أنهم أرادوا الدخول في أوائل النهار بغنة فأمرهم بالصبر إلى آخر النهار ليبلغ خبر قدومهم إلى المدينة وتتأهب النساء وغيرهن انتهى كلام النووي قوله (وفي الباب عن أنس وابن عمر وابن عباس) أما حديث أنس فأخرجه أحمد والشيخان والنسائي وأما حديث ابن عمر فأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وأما حديث ابن عباس فأخرجه أيضا ابن خزيمة
(٤٠٩)