لدناءة همته وبخله ويكثر من يذمه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل والحاصل أن المتصف بغنى النفس يكون قانعا بما رزقه لا يحرص على الازدياد لغير حاجة ولا يلح في الطلب ولا يلحف في السؤال بل يرضى بما قسم الله له فكأنه واجد أبدا والمتصف بفقر النفس على الضد منه لكونه لا يقنع بما أعطي بل هو أبدا في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغن بما أعطي فكأنه ليس بغني ثم غنى النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره علما بأن الذي عند الله خير وأبقى فهو معرض عن الحرص والطلب وما أحسن قول قائل غني النفس ما يكفيك من سد حاجة فإن زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرأ قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان وابن ماجة باب ما جاء في أخذ المال بحقه قوله (سمعت خولة بنت قيس) بن فهر بن قيس بن ثعلبة الأنصارية صحابية لها حديث كذا في التقريب وقال في تهذيب التهذيب في ترجمتها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدنيا خضرة حلوة الحديث وعنها أبو الوليد سنوطا وغيره قال عبيد دخلت على أم محمد وكانت عند حمزة وتزوجها بعده رجل من الأنصار انتهى قوله (خضرة) بفتح فكسر (حلوة) بضم الحاء وسكون اللام قال الحافظ في الفتح معناه أن صورة الدنيا حسنة مونقة والعرب تسمي كل شئ مشرق ناضر أخضر وقال ابن الأنباري قوله المال خضرة حلوة ليس هو صفة المال وإنما هو للتشبيه
(٣٦)