باب ما جاء في احتجاج الجنة والنار قوله (احتجت) أي اختصمت كمامزي في رواية للبخاري وفي رواية أخرى له ولمسلم تحاجت (يدخلني الضعفاء والمساكين) قيل معنى الضعيف ههنا الخاضع لله تعالى بذل نفسه له سبحانه وتعالى ضد المتجبر والمتكبر وفي رواية للبخاري مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم قال الحافظ أي المحتقرون بينهم الساقطون من أعينهم هذا بالنسبة إلى ما عند الأكثر من الناس وبالنسبة إلى ما عند الله هم عظماء رفعاء الدرجات لكنهم بالنسبة إلى عند أنفسهم لعظمة الله عندهم وخضوعهم له في غاية التواضع لله والذلة في عباده فوصفهم بالضعف والسقط بهذا المعنى صحيح أو المراد بالحصر في قول الجنة إلا ضعفاء الناس الأغلب (يدخلني الجبارون والمتكبرون) وفي رواية للشيخين أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين قال القاري هما بمعنى جمع بينهما للتأكيد وقيل للتكبر للتعظم بما ليس فيه والمتجبر الممنوع الذي لا يوصل إليه وقيل الذي لا يكترث ولا يبالي بأمر الضعفاء والمساكين (أنت عذابي) أي سبب عقوبتي ومنشأ سخطي وغضبي (أنتقم بك ممن شئت) وفي رواية للشيخين أعذب بك من أشاء (وقال للجنة أنت رحمتي) أي مظهرها في شرح السنة سمي الجنة رحمته لأن بها تظهر رحمة الله تعالى كما قال (أرحم بك من شئت) وإلا فرحمة الله من صفاته التي لم يزل بها موصوفا ليست لله صفة حادثة ولا اسم حادث فهو قديم بجميع أسمائه وصفاته جل جلاله وتقدست أسماؤه قال ابن بطال عن المهلب يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهما وكلاما والله قادر على كل شئ ويجوز أن يكون هذا مجازا كقولهم امتلأ الحوض وقال الدارقطني والحوض لا يتكلم وإنما ذلك عبارة عن امتلائه وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك وكذا في
(٢٣٨)