باب في الانتهاء عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (اتركوني ما تركتكم) أي مدة تركي إياكم من التكليف (فإنما هلك من كان قبلكم) أي من اليهود والنصارى (بكثرة سؤالهم) كسؤال الرؤية والكلام وقضية البقرة (واختلافهم) عطف على الكثرة لا على السؤال لأن نفس الاختلاف موجب للهلاك من غير الكثرة (على أنبيائهم) يعتي إذا أمرهم الأنبياء بعد السؤال أو قبله واختلفوا عليهم فهلكوا واستحقوا الاهلاك وفي رواية مسلم فإذا أمرتكم بشئ فائتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه قال النووي في شرح مسلم فإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه استطعتم هذا من قواعد الاسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن وأشباه هذا غير منحصرة وأما قوله صلى الله عليه وسلم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه فهو على اطلاقه فإن وجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة أو شرب الخمر عند الاكراه أو التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره ونحو ذلك فهذا ليس منهيا عنه في هذا الحال قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب ما جاء في عالم المدينة قوله (عن أبي هريرة رواية) بالنصب على التمييز وهو كناية عن رفع الحديث إلى رسول
(٣٧٢)