أبذل من كثير) أي من مال كثير (ولا أحسن مواساة من قليل) أي من مال قليل (من قوم نزلنا بين أظهرهم) أي عندهم وفيما بينهم والمعنى أنهم أحسنوا إلينا سواء كانوا كثيري المال أو فقيري الحال قال الطيبي رحمه الله الجاران أعني من قليل ومن كثير متعلقان بالبذل والمواساة وقوله من قوم صلة لا بذل وأحسن على سبيل التنازع وقوم هو المفضل والمراد بالقوم الأنصار وإنما عدل عنه إليه ليدل التنكير على التفخيم فيتمكن من إجراء الأوصاف التالية عليه بعد الإبهام ليكون أوقع لأن التبيين بعد الإبهام أوقع في النفس وأبلغ (لقد كفونا) من الكفاية (المؤنة) أي تحملوا عنا مؤنة الخدمة في عمارة الدور والنخيل وغيرهما (وأشركونا) أي مثل الإخوان (في المهنأ) بفتح الميم والنون وهمز في آخره ما يقوم بالكفاية وإصلاح المعيشة وقيل ما يأتيك بلا تعب قال ابن الملك والمعنى أشركونا في ثمار نخيلهم وكفونا مؤنة سقيها وإصلاحها وأعطونا نصف ثمارهم وقال القاضي يريدون به ما أشركوهم فيه من زروعهم وثمارهم (حتى لقد خفنا أن يذهبوا) أي الأنصار (بالأجر كله) أي بأن يعطيهم الله أجر هجرتنا من مكة إلى المدينة وأجر عبادتنا كلها من كثرة إحسانهم إلينا (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا) أي لا يذهبون بكل الأجر فإن فضل الله واسع فلكم ثواب العبادة ولهم أجر المساعدة (ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم) أي ما دمتم تدعون لهم بخير فإن دعاءكم يقوم بحسناتهم إليكم وثواب حسناتكم راجع عليكم قال الطيبي رحمه الله يعني إذ حملوا المشقة والتعب على أنفسهم وأشركونا في الراحة والمهنأ فقد أحرزوا المثوبات فكيف نجازيهم فأجاب لا أي ليس الأمر كما زعمتم فإنكم إذا أثنيتم عليهم شكرا لصنيعهم ودمتم عليه فقد جاز يتموه قوله (هذا حديث حسن صحيح غريب) وأخرجه أبو داود والنسائي قوله (أخبرنا محمد بن معن) بن محمد بن معن (المدني الغفاري) أبو يونس المدني
(١٥٩)