وهذا بالنسبة إلى الآخذ ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي بسخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه والظاهر هو الأول (ومن أخذه بإشراف نفس) أي بطمع أو حرص أو تطلع وهذا بالنسبة إلى الاخذا ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي بكراهيته من غير طيب نفس بالإعطاء كذا قيل والظاهر هو الأول (وكان) أي السائل الاخذ الصدقة في هذه الصورة لما يسلط عليه من عدم البركة وكثرة الشره والنهمة (كالذي يأكل ولا يشبع) أي الذي يسمي جوعه كذابا لأنه من علة به وسقم فكلما أكل ازداد سقما ولم يحدث شبعا (واليد العليا خير من اليد السفلى) المراد من اليد العليا هي المنفقة ومن اليد السفلى هي السائلة وهو القول الراجح المعول عليه في تفسير اليد العليا والسفلى فعند الطبراني بإسناد صحيح عن حكم بن حزام مرفوعا يد الله فوق يد المعطي ويد المعطي فوق يد المعطى ويد المعطى أسفل الأيدي وللطبراني من حديث عدي الجزامي مرفوعا مثله ولأبي داود وابن خزيمة من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك عن أبيه مرفوعا الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى ولأحمد والبزار من حديث عطية السعدي اليد المعطية هي العليا والسائلة هي السفلى فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وأن السفلى هي السائلة وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور قاله الحافظ في الفتح (لا أرزا) بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الزاي بعدها همزة أي لا أنقص ماله بالطلب منه (ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا) قال الحافظ إنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا فيعتاد الأخذ فيتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده فقطعهما عن ذلك وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه وإنما أشهد عليه عمر لأنه أراد أن لا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه
(١٣٨)