إجانة فغسله ثم قال: ع عني ما سمعت مني، فإني لم أكتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا قال: كدت أن تهلك أباك " (1).
هذا ولكن زيد بن ثابت يأبى عن الإملاء والكتابة مشيرا إلى نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سيأتي نقل حديثه (2).
وعلى أي حال هذا التوجيه من حمل كراهة هؤلاء المانعين على الكراهة المصطلحة غير وجيه، وسيأتي بعض الكلام حول الكراهة فانتظر.
والذي يجب أن يتدبر فيه ويلاحظ في كلمات هؤلاء المانعين أمران:
أحدهما: عدم الإشارة فيها إلى نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن كتابة الحديث - كما يزعمون - بل ظاهر أنها كانت جائزة، لأن أبا بكر كتب في حياة الرسول صلى الله عليه وأبقاه إلى أن جلس على أريكة الخلافة ثم أحرقها، وشاور عمر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فهل يشاور عمر فيما نهى عنه النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم أشار الصحابة الكرام إلى كتابته (ولا يشيرون إلى خلاف النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم بقي عمر مترددا شهرا (وكيف يتردد فيما نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)) ثم عزم الله له فجمع صحائف الصحابة وأحرقها ونهى عنها، فالمنع والإحراق اجتهاد منهم لعلل ذكروها أو أخفوها.
ثانيهما: أن هؤلاء شبهوا كتب الأحاديث النبوية بما كتبه علماء اليهود والنصارى وأساقفتهم من عند أنفسهم بآرائهم واجتهادهم، أو بما يحرفون من كلام الله ويكتبون الكتاب ويقولون هو من عند الله كما يقول الله سبحانه: * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله) *.
فهل يجوز أن يقاس ما كتبه صحابي ثقة أمين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما كتبه