إذ ليس الأخيار البائع، وقد انتفت مانعيته برضاه بالإجارة المذكورة قطعا، فوجب وقوعه على وجه اللزوم. وحينئذ فسقط الخيار قطعا، لأنه لو بقي لجاز الفسخ، ولو جاز لم يكن لازما هاهنا.
الرابع: إن الخيار المذكور لو بقي بعد صدور الإجارة لكان بقاؤه إما مع صحتها هنا، أو مع فسادها، والتالي بقسميه باطل فالمقدم كذلك والملازمة ظاهرة، لأن صحة العقد وفساده يمنع خلو الواقع عنهما، فلا بد من وجود أحدهما، لانحصار حال العقود في الصحة والفساد عند أكثر الأصوليين.
وأما بيان بطلان التالي، فلأن الإجارة الواقعة برضاء البائع يجب أن تكون صحيحة، لأن الفرض انتفاء جميع موانع صحتها، إلا استحقاق البائع الخيار، وقد انتفت مانعيته هنا أيضا بوجود رضاء البائع، وإذا حكم بصحتها انتفى الحكم بفسادها، فامتنع مقارنة الخيار له، لامتناعه في نفسه، فإن مقارنة شئ لشئ في الوجود فرع وجود ذلك الشئ، ومع الحكم بصحتها يجب أن تكون لازمة، لأن الفرض انتفاء جميع موانع لزوجها، لاستحقاق البائع الخيار، وقد انتفت مانعية هذا أيضا بتحقق رضاه، فامتنع بقاء الخيار على تقدير الصحة أيضا، وهو المطلوب.
الخامس: لو بقي الخيار في الصورة المذكورة لكان إذا فسخ البائع البيع:
أما أن يفسخه في العين من دون المنفعة أو فيهما معا، والتالي بقسميه باطل فكذا المقدم، والملازمة ظاهرة، فإن الواقع منحصر فيهما.
وأما بطلان العلم الأول في قسمي التالي، فلأن الخيار أمر واحد ثابت في العين باعتبار المنفعة، فالخيار فيها تابع للخيار في العين، ويمتنع تخلف التابع عن متبوعه، فيمتنع ثبوت الخيار في العين دون المنفعة.
وأيضا فإنه لو ثبت الخيار في العين دون المنفعة لكان إذا فسخ البائع في العين:
إما أن يقتضي الفسخ رد جميع الثمن، أو بعضه، وكلا القسمين باطل.