فقال: لابد من ذلك، وما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشئ، فتناول العنقود فاكل منه، ثم ناوله فاكل منه الرضا - عليه السلام - ثلاث حبات ثم رمى به وقام.
فقال المأمون: إلى أين؟
فقال: إلى حيث وجهتني.
وخرج (1) - عليه السلام - مغطى الرأس فلم أكلمه حتى دخل الدار، فامر أن يغلق الباب فغلق، ثم نام - عليه السلام - على فراشه، ومكثت (2) واقفا في صحن الدار مغموما محزونا، فبينا أنا كذلك إذ دخل علينا (3) شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا - عليه السلام -، فبادرت إليه وقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟
فقال: الذي جاء [بي] (4) من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق.
فقلت له: ومن أنت؟
فقال لي: أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت، أنا محمد بن علي.
ثم مضى نحو أبيه - عليهم السلام -، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا - عليه السلام - وثب إليه فعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، ثم سحبه سحبا إلى فراشه، وأكب عليه محمد بن علي - عليهما السلام - يقبله ويساره بشئ لم أفهمه.