وارتفعت الزعقة والضجة (1)، واستفحلت النعرة وثارت الغبرة وهاجت القاعة (2)، فلم أزايل مكاني إلى أن سلم مولاي - عليه السلام - فقال لي:
يا أبا الصلت إصعد السطح، فإنك سترى امرأة بغية عثة رثه (3) مهيجة [الأشرار] (4) متسخة الاطمار، يسميها أهل هذه الكورة (سمانة) لغباوتها وتهتكها، وقد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده، فصعدت السطع فلم أر إلا نفوسا تتزعزع بالعصى وهامات ترضخ (5) بالأحجار، ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها للهرب.
فما شعرت إلا بشاجرد (6) الحجام، قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة، فضرب بها رأس المأمون، فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته.
فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون: ويلك هذا أمير المؤمنين، فسمعت سمانة تقول: اسكت لا أم لك، ليس هذا يوم التميز والمحاباة ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الابكار، وطرد المأمون وجنوده أسوا