فأول (1) ذلك إنك دعوت الله تعالى في المطر المعتاد مجيئه فجاء، فجعلوه آية لك ومعجزة، أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين - أدام الله تعالى ملكه وبقاءه - لا يوازن (2) بأحد إلا رجح به، وقد أحلك المحل الذي قد عرفت، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه.
فقال الرضا - عليه السلام -: ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله على وإن كنت لا أبغي (بذلك) (3) أشرا ولا بطرا، وأما ذكرك صاحبك الذي أحلني (ما أحلني) (4)، فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق - عليه السلام -، وكانت حالهما ما قد علمت.
فغضب الحاجب عند ذلك وقال: يا بن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله تعالى بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر، جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها، كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم - عليه السلام -، لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضائها التي كان فرقها على الجبال، فاتينه (5) سعيا وتركبين على الرؤوس وخفقن وطرن بإذن الله تعالى! فان كنت صادقا فيما توهم فأحي هذين وسلطهما على، فان ذلك يكون حينئذ آية معجزة.