فقلت: لا، بل أجيئ معك إلى الناس، قال: فساءه حيث رأيت الناس والماء، فذهب يشتد حتى دخل بيتا ثم جاء بماء في إناء فقال: اشرب، فقلت: لا حاجة لي فيه، ثم دنوت من القوم فقلت: اسقوني ماءا، فقال شيخ لابنته: اسقيه، فقامت ابنته وقال:
ما رأيت امرأة أجمل منها فجاءتني بماء ولبن، فقال الرجل: نجيتك من العطش وتذهب بحقي؟! والله لا أفارقك حتى أستوفي منك حقي، قال:: فقلت: اجلس حتى أوفيك، فجلس، فنزلت فأخذت الماء واللبن من يد الفتاة، فشربته. ثم اجتمع إلي أهل الماء فقلت لهم: هذا ألام الناس، فعل لي كذا وكذا، وهذا الشيخ خير منه وأسدى استسقيته فلم يكلفني شيئا (1) وأمر ابنته فسقتني، ثم هذا يلزمني بمائة دينار (2)، فشتموه ووقعوا به (3) ولم يكن بأسرع من أن لحقني قوم من أصحابي فسلموا علي بالإمرة فارتاب الرجل والله وجزع فذهب يريد (4) أن يقوم، فقلت له: والله لا تبرح حتى أوفيك (5) المائة فأخذ فرسي وجلس لا يدري ما أريد به، فلما كثرت أصحابي (6) عندي سرحت إلى ثقلي فأتيت به ثم أمرت بالرجل فجلد مائة جلدة، ودعوت الشيخ وابنته فأمرت لهما بمائة دينار وكسوتهما، وكسوت أهل الماء ثوبا ثوبا فحرمته، فقال أهل الماء: كان أيها الأمير أهلا لذلك، وكنت أيها الأمير لما أتيت به من خير أهلا (7).
فلما رجعت إلى معاوية فحدثته فعجب وقال: لقد لقيت في سفرك هذا عجبا (8).