معاوية لما بلغه أن عليا عليه السلام بعد تحكيم الحكمين (1) تحمل (2) إليه مقبلا فهاله أمره فخرج من دمشق معسكرا وبعث إلى كور الشام فصاح فيها: أن عليا قد سار إليكم وكتب إليهم نسخة واحدة فقرئت على الناس:
أما بعد فإنا كنا قد كتبنا بيننا وبين علي كتابا وشرطنا فيه شروطا، وحكمنا رجلين يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب لا يعدوانه، وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد ولم يمض الحكم، وإن حكمي الذي كنت حكمته أثبتني، وإن حكمه خلعه، وقد أقبل إليكم ظالما ومن نكث فإنما ينكث على نفسه (3) تجهزوا للحرب بأحسن الجهاز، وأعدوا لها آلة القتال (4) وأقبلوا خفافا وثقالا وكسالى ونشاطا يسرنا الله وإياكم لصالح الأعمال.
فاجتمع إليه الناس من كل كورة وأرادوا المسير إلى صفين فاستشارهم وقال:
إن عليا قد خرج إليكم من الكوفة وعهد العاهد به أنه فارق النخيلة.
فقال له حبيب بن مسلمة (5): فإني أرى أن نخرج حتى ننزل منزلنا الذي كنا فيه فإنه منزل مبارك قد متعنا الله به وأعطانا من عدونا فيه النصف، وقال له عمرو بن العاص: إني أرى لك أن تسير بالجنود حتى توغلها في سلطانهم من أرض الجزيرة فإن